الاثنين، 24 مايو 2010

اين حقوقى

كثير من الناس لا يستطيع ان يفرق بين الحق الذى له والواجب الذى عليه . و من هنا تنشأ اكثر المشكلات التى تعيق تقدم الناس وتضعف انجازهم ومن ثم يتسرب الوقت الذى هو الحياة و يفقد الناس عملهم الذى هو قوامها. وافضل الناس طريقة وانجحهم فى الحياة هم الذين لا ياخذون اكثر من حقهم ولا يطالبون ولا يتوهمون حقوقا ليست لهم .واذا سنحت لهم فرصة لاخذ ما لا يستحقون فانهم يترفعون عنها ولو كان فى ذلك اطالة سجن او ضياع مال . لقد فضل اناس السجن لاداء واجب وأبوا الحرية اذ لم تكن من حقهم . لقد حملت الامانة وعدم الغش وعدم الحاق الضرر بالاخرين احد التجار على ان يتخلص من بضاعة ثمنها اربعون الف دينار بطرحها ارضا والتخلص منها اذ وجد فارا ميتا بزيت قد اشتراه . لقد صادر الرجل بضاعته وما صادرها له احد .ومما يزيدك اعجابا بالرجل انه قد اشتراها بقرض من احد الناس وما منعه خوفه من مغبة ذلك الدين وهو السجن المحتوم من التراجع عن ذلك .انه عالم جليل مشهور ومعروف بالصلاح والورع والكل يعرف شأنه .وما ان شاهده السجان الا واغتم وحزن .وما ان جاء المساء حتى عز على السجان ان يبيت الرجل فى محبسه فقال له اذهب يا امام الى بيتك واهلك كل مساء واتنا فى الصباح .ماذا يا ترى كان رد الرجل ؟ ما فرح وما سر بذلك لم يقل ظلمت وضللت وهناك من ضحك على ولا استحق السجن .ما راها فرصة ولا طرب لذلك المبيت بين اهله .لقد رفض الرجل معللا ذلك بانه لا يحب ان يعين السجان على خيانة مهام الوظيفة .انها القيم التى ملات جنبات الرجل فما استطاع ان ينفك عنها او يرى شيئا غيرها .ان كثيرين مذنبون وقد ثبت عليهم بالدليل ما اقترفوه فى حق غيرهم واذا سنحت فرصة للهروب الا اقتنصوها . وما وجدوا بابا يسطون منه على حق ليس لهم الا رتبوا الحيل والادلة للفوز به .تمضى الايام بالشيخ الجليل فى محبسه ويموت انس بن مالك وقد كان اوصى ان يغسله ذلك العالم .فذهبوا اليه يطلبون منه الخروج من محبسه لانفاذ الوصية .الا ويرفض الرجل ففهموا انه يريد اذن الحاكم فاحضروه له حتى يخرج فرفض . وقال ما حبسنى الحاكم. لقد حبسنى صاحب الدين فاستئذنوه فما خرج حتى اذن له . انه العالم الجليل ابن سيرين .ان الاعتراف بالحق ليس كافيا وان عجز عنه الكثيرون . فمعرفة اهله جزء لا ينفك عنه .ان الحياة لن تستقيم حتى تستقيم قيمنا ولا قيم قبل الاعتراف بالحق واهله واتباعه .

السبت، 22 مايو 2010

فرحة النصر

ذهبت الى صديقى اناقشه واحاوره فى طريقته لعلاج اموره وهو غالبا ما يثور منفعلا بكلمات قد تضره قبل الاخرين ولا يستطيع حمل اعبائها .فقلت له متوددا ما الذى يحملك على مثل ما تقول عندما تكون فى مواقف تختلف فيها الاراء وتتباين لا سيما حول ما لك من حق وما عليك من واجب؟ فاجاب "انه اذ لم يفعل ذلك ربما لا يقوى على النوم طيلة اسبوع ولا يقر له جفن ولا يهدا ". وحتى ينام قرير العين فعليه ان يخرج ما عنده من كلام ليقر بذلك ويسعد فى نومه ويهنأ بأهله ويهنأون به " قلت له حتى وان كان فى ذلك فقدان لعمل او تشتيت لاسرة او مضايقة لاخرين ؟ اجاب نعم هو ذلك .وهنا تعجبت كيف يتحول الانسان الى عدو لنفسه ويرى الراحة والسكينة فيما يضر به والاخرين من زوجة وولد ؟ وكيف يعد ذلك نصرا يجنى فرحته قرة عين واستقرار وسعادة ؟وعلى من انتصر ؟ النفس ام الشيطان أماذا ؟ لا استطيع ان احدد ولا اعتبره نصرا صراحة .انها هزيمة وهزيمة منكرة صرعه فيها الهوى والشيطان والنفس وحظوظهما . فما مصدر تلك السعادة الزائفة التى لا يجد الانسان لها حلاوة فى قلبه وسرعان ما تتلاشى وتتبدد وتتحول الى كابوس يجسم ليلاعلى صدره فلا ينفك منه الا بصعوبة وكثيرخسائر . ان مصدر هذه السعادة الكاذبة هو شعور الانسان بالوهن والعجز الكامن فى اعماق النفس واغوارها والذى يحلم صاحبها بان تاتيه الفرصة ليثبت ذاته من خلال علو صوت لا يحمل الا محاولة اثبات قوة كاذبة بما يتفوه به من كلمات توحى للسامعين بشجاعة وجرأه .ان ما يرتاح بفعله صاحبنا هو ما يجب ان يتنزه عنه ويفارقه .ولو كلفه اياما وليالى من ارق وذهاب راحة وان طالت مدتهما .فالخسارة حينئذ طفيفة والمكاسب كبيرة لا تعد ولا تحصى .اولها :- انتصار على النفس بكظم الغيظ المامور به فى الكتاب "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " وثانيا :-تجنب الاساءة الى الاخرين وعدم ظهور الانسان بموقف غير لائق به من صخب وغضب نهى عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه النصيحة من احد المسلمين فقال مكررها ثلاثا " لا تغضب " ثالثا :-تجنب الخسارة التى قد تلحق بالفرد من جراء ما يقوله غاضبا من فقدان لحقوقه التى لم يستطع الحصول عليها بادب النبوة وهو " حسن الطلب "كما اشار صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب عندما هم بقتل الاعرابى الذى دخل عليه فى مجلسه جاذبا اياه من ردائه حتى اثر فى عنقه قائلا للنبى محمد انكم يا بنى عبد المطلب قوم مطل فقال له يا عمر عليك "ان تامره بحسن الطلب وتامرنى بحسن الاداء" ان من اعظم المشاعر التى تنتاب الانسان ويرتاح بها هى مشاعر النصر . والنصر الحقيقى هو على النفس بمخالفتها وكظم الغيظ المامور به فى كتاب الله .عندها يجد الانسان حلاوة ذلك النصر فى قلبه . تماما كما يترك النظرة المسمومة التى هى من سهام ابليس "فمن تركها مخافة الله ابدله الله ايمانا يجد حلاوته فى قلبه "انها حلاوة وفرحة النصر على النفس وان استطاع الانسان ذلك لكان سعيدا ما حيا وما فعل .ان الحاصل الان ان الامور مقلوبه فما يسعد ويقر به صاحبنا للحظات هو ما يشقيه طويلا . ان علامات النجاح والتقدم للامام والنصر هى فى التحول عن ذلك تماما بالتحكم فى النفس وكبتها وان تعبت .وامساكها وان سهرت وارقت .وبات الان علينا جميعا وعلى صاحبنا ان يدرب نفسه حتى ياتى اليوم الذى يقول فيه
"الان استطيع النوم ملئ جفونى وانعم بالراحة والفرحة اذ كظمت غيظى ولم اغضب " ويا له من نصر عظيم .