الاثنين، 24 مايو 2010

اين حقوقى

كثير من الناس لا يستطيع ان يفرق بين الحق الذى له والواجب الذى عليه . و من هنا تنشأ اكثر المشكلات التى تعيق تقدم الناس وتضعف انجازهم ومن ثم يتسرب الوقت الذى هو الحياة و يفقد الناس عملهم الذى هو قوامها. وافضل الناس طريقة وانجحهم فى الحياة هم الذين لا ياخذون اكثر من حقهم ولا يطالبون ولا يتوهمون حقوقا ليست لهم .واذا سنحت لهم فرصة لاخذ ما لا يستحقون فانهم يترفعون عنها ولو كان فى ذلك اطالة سجن او ضياع مال . لقد فضل اناس السجن لاداء واجب وأبوا الحرية اذ لم تكن من حقهم . لقد حملت الامانة وعدم الغش وعدم الحاق الضرر بالاخرين احد التجار على ان يتخلص من بضاعة ثمنها اربعون الف دينار بطرحها ارضا والتخلص منها اذ وجد فارا ميتا بزيت قد اشتراه . لقد صادر الرجل بضاعته وما صادرها له احد .ومما يزيدك اعجابا بالرجل انه قد اشتراها بقرض من احد الناس وما منعه خوفه من مغبة ذلك الدين وهو السجن المحتوم من التراجع عن ذلك .انه عالم جليل مشهور ومعروف بالصلاح والورع والكل يعرف شأنه .وما ان شاهده السجان الا واغتم وحزن .وما ان جاء المساء حتى عز على السجان ان يبيت الرجل فى محبسه فقال له اذهب يا امام الى بيتك واهلك كل مساء واتنا فى الصباح .ماذا يا ترى كان رد الرجل ؟ ما فرح وما سر بذلك لم يقل ظلمت وضللت وهناك من ضحك على ولا استحق السجن .ما راها فرصة ولا طرب لذلك المبيت بين اهله .لقد رفض الرجل معللا ذلك بانه لا يحب ان يعين السجان على خيانة مهام الوظيفة .انها القيم التى ملات جنبات الرجل فما استطاع ان ينفك عنها او يرى شيئا غيرها .ان كثيرين مذنبون وقد ثبت عليهم بالدليل ما اقترفوه فى حق غيرهم واذا سنحت فرصة للهروب الا اقتنصوها . وما وجدوا بابا يسطون منه على حق ليس لهم الا رتبوا الحيل والادلة للفوز به .تمضى الايام بالشيخ الجليل فى محبسه ويموت انس بن مالك وقد كان اوصى ان يغسله ذلك العالم .فذهبوا اليه يطلبون منه الخروج من محبسه لانفاذ الوصية .الا ويرفض الرجل ففهموا انه يريد اذن الحاكم فاحضروه له حتى يخرج فرفض . وقال ما حبسنى الحاكم. لقد حبسنى صاحب الدين فاستئذنوه فما خرج حتى اذن له . انه العالم الجليل ابن سيرين .ان الاعتراف بالحق ليس كافيا وان عجز عنه الكثيرون . فمعرفة اهله جزء لا ينفك عنه .ان الحياة لن تستقيم حتى تستقيم قيمنا ولا قيم قبل الاعتراف بالحق واهله واتباعه .

السبت، 22 مايو 2010

فرحة النصر

ذهبت الى صديقى اناقشه واحاوره فى طريقته لعلاج اموره وهو غالبا ما يثور منفعلا بكلمات قد تضره قبل الاخرين ولا يستطيع حمل اعبائها .فقلت له متوددا ما الذى يحملك على مثل ما تقول عندما تكون فى مواقف تختلف فيها الاراء وتتباين لا سيما حول ما لك من حق وما عليك من واجب؟ فاجاب "انه اذ لم يفعل ذلك ربما لا يقوى على النوم طيلة اسبوع ولا يقر له جفن ولا يهدا ". وحتى ينام قرير العين فعليه ان يخرج ما عنده من كلام ليقر بذلك ويسعد فى نومه ويهنأ بأهله ويهنأون به " قلت له حتى وان كان فى ذلك فقدان لعمل او تشتيت لاسرة او مضايقة لاخرين ؟ اجاب نعم هو ذلك .وهنا تعجبت كيف يتحول الانسان الى عدو لنفسه ويرى الراحة والسكينة فيما يضر به والاخرين من زوجة وولد ؟ وكيف يعد ذلك نصرا يجنى فرحته قرة عين واستقرار وسعادة ؟وعلى من انتصر ؟ النفس ام الشيطان أماذا ؟ لا استطيع ان احدد ولا اعتبره نصرا صراحة .انها هزيمة وهزيمة منكرة صرعه فيها الهوى والشيطان والنفس وحظوظهما . فما مصدر تلك السعادة الزائفة التى لا يجد الانسان لها حلاوة فى قلبه وسرعان ما تتلاشى وتتبدد وتتحول الى كابوس يجسم ليلاعلى صدره فلا ينفك منه الا بصعوبة وكثيرخسائر . ان مصدر هذه السعادة الكاذبة هو شعور الانسان بالوهن والعجز الكامن فى اعماق النفس واغوارها والذى يحلم صاحبها بان تاتيه الفرصة ليثبت ذاته من خلال علو صوت لا يحمل الا محاولة اثبات قوة كاذبة بما يتفوه به من كلمات توحى للسامعين بشجاعة وجرأه .ان ما يرتاح بفعله صاحبنا هو ما يجب ان يتنزه عنه ويفارقه .ولو كلفه اياما وليالى من ارق وذهاب راحة وان طالت مدتهما .فالخسارة حينئذ طفيفة والمكاسب كبيرة لا تعد ولا تحصى .اولها :- انتصار على النفس بكظم الغيظ المامور به فى الكتاب "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " وثانيا :-تجنب الاساءة الى الاخرين وعدم ظهور الانسان بموقف غير لائق به من صخب وغضب نهى عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه النصيحة من احد المسلمين فقال مكررها ثلاثا " لا تغضب " ثالثا :-تجنب الخسارة التى قد تلحق بالفرد من جراء ما يقوله غاضبا من فقدان لحقوقه التى لم يستطع الحصول عليها بادب النبوة وهو " حسن الطلب "كما اشار صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب عندما هم بقتل الاعرابى الذى دخل عليه فى مجلسه جاذبا اياه من ردائه حتى اثر فى عنقه قائلا للنبى محمد انكم يا بنى عبد المطلب قوم مطل فقال له يا عمر عليك "ان تامره بحسن الطلب وتامرنى بحسن الاداء" ان من اعظم المشاعر التى تنتاب الانسان ويرتاح بها هى مشاعر النصر . والنصر الحقيقى هو على النفس بمخالفتها وكظم الغيظ المامور به فى كتاب الله .عندها يجد الانسان حلاوة ذلك النصر فى قلبه . تماما كما يترك النظرة المسمومة التى هى من سهام ابليس "فمن تركها مخافة الله ابدله الله ايمانا يجد حلاوته فى قلبه "انها حلاوة وفرحة النصر على النفس وان استطاع الانسان ذلك لكان سعيدا ما حيا وما فعل .ان الحاصل الان ان الامور مقلوبه فما يسعد ويقر به صاحبنا للحظات هو ما يشقيه طويلا . ان علامات النجاح والتقدم للامام والنصر هى فى التحول عن ذلك تماما بالتحكم فى النفس وكبتها وان تعبت .وامساكها وان سهرت وارقت .وبات الان علينا جميعا وعلى صاحبنا ان يدرب نفسه حتى ياتى اليوم الذى يقول فيه
"الان استطيع النوم ملئ جفونى وانعم بالراحة والفرحة اذ كظمت غيظى ولم اغضب " ويا له من نصر عظيم .

الاثنين، 1 مارس 2010

من يحب الناصحين ؟2

لا شك ان النصح ثقيل والحقائق قد تبدوا احيانا مثله لذا وجب الاستعانة عليهما بالطف الطرق وافضلها. ان المنطق يوجهنا الى ضرورة ابرازالنفع العائد على الفاعل كما نبرز الفائدة العائدة على المفعول له فهو ادعى للحماسة الى الصواب وفعله و هذا نهج الاسلام .ومن حكمة الشافعى والقائل فيها " من نصح اخاه بين الناس فقد شانه ومن نصحه فيما بينه وبينه فقدستره و زانه " نهتدى. فكما تبرز الحكمة الفائدة العائدة على المنصوح سرا بعدم احراجه على الملا واحترام كيانه وعدم النيل من شخصه وحفظ هيبته والتى ربما تمثل حافزا للناصح للعمل بها الا انه يبقى ابراز الفوائد العائدة على الناصح اولى اذ هو القائم بالنصح والمتحفز له . فمراعاة اداب النصح ادعى الى قبوله من الناس و من الله .فتحرى النصح سرا اقرب الى اخلاص الناصح منه الى السمعة والرياء وارجى للقبول عندالله . وكلما تحرى الانسان نصح الاخرين سرا الا كان اقرب لتبنى القيم والاهتمام بها اكثر منه للاعلان عن النفس وما قد تحمله من حب الظهور وابراز ما لها من الصواب على رؤوس الاشهاد .لذا فان الحكمة المشهورة "طوبى لرجل اهدى الى عيوبى "تعلمنا ان الناس تحب ان تقدم لها النصائح كما تقدم الهدايا. فعندما نحب ان نهدى احدا شيئا الا فكرنا كثيرا عن الافضل والاليق والانسب .وافضل الهدايا هى ما كانت تمثل حاجة للمهدى اليه .فلو اهديت انسانا شيئا ليس لديه مثله الا كانت احب وافضل الهدايا عنده وابقى اثرا فى نفسه .واما عن اختيار الغلاف ذى الاالوان الجميلة المبهجة وكيفية تغليف الهدية ومراعاة اناقة ما تحمل فيه فمن لوازم تقديمها والذى يستوجب ايضا الزيارة المؤقتة باختيار المزور فى الوقت المحبب والمفضل لديه . وترتيب الكلام واختيار اطيبه الذى يسبق تقديم الهدايا والذى دائما ما يكون عن حسن اخلاق المهدى اليه وكيف انه يستحق اكثر من ذلك وان هذا قليل من كثير يستحقه ونحو هذا الكلام دائما ما يسوقه حاملوا الهدايا لما له اثر فى نفسية المهدى اليه .وعلى هذا يجب ان يقدم النصح "على اكمل وجه "كحال الهدية تماما بل ربما يزيد الاهتمام بما يفوق الهدايا العينية والتى من طبيعتها ادخال السرور على الناس" تهادوا تحابوا " اما تقديم هدايا النصح وما اثقله فيوجب علينا ويستحق منا الاهتمام الاكبر .ولو اصطحب كل ناصح هدية عينية معه عند قصده نصحا لغيره لكان اوجب لاتباعه اداب النصح وادعى لقبوله من المنصوح .ان طوبى مكانة بالجنة يدعو بها المنصوح للناصح اذ بما يهديه من عيب الا كان من شانه تعديل اخطائه والتى تجنب المنصوح السيئات والتى تقربه من جنة رب العالمين . وهذا مفاده ان على الناصح ان يكون موضوعيا يعرف طريقه وهدفه مستشعرالخير الذى سوف يعود بنصحيته على المنصوح بتقريبه من رب العالمين .و كما ان اهداء العيوب يقربنا من الجنة فطوبى للناصح حتى يدخلها معنا .

الأحد، 28 فبراير 2010

من يحب الناصحين ؟ 1

كثيرا ما نسمع من الحكماء والمربين " ان النصح يقبل على اى وجه " و ذلك ان فقد الناصح الحكمة وادب التناصح و جنحت به ربما رعونة الحرص على المصلحة عن المسار السليم ولم يستطع ان يهدى الناس عيوبهم .و وفق الحكمة المذكورة فان على المنصوح ان يقبل النصح على اى وجه بغية الاستفادة حتى وان قذف به فى وجهه فهذا لا يعيبه بل يعيب الناصح .لكن الحادث ان اكثرنا يعلى ذكر تلك الحكمة حتى اذا وجد نصحا على غير هدى الا رد الناصح باقصى ما يملك .ومن الناس من يتمالك نفسه حال الناصح غير اللبيب الا انه لا يحاول الاستفادة مما قيل .ان رد الناصح وبغضه وعدم المقدرة على الاستفادة منه جريمة لا تقل عما اقترفه الناصح بسؤ طريقته .فلا فرق بين الاثنين بل ربما يثاب الناصح بنيته وان خانته الطريقة وتقام الحجة على المنصوح اذ رد النصيحة غير مكترث لمحتواها . ولقد عاب الله سبحانه وتعالى على قوم صالح فى القران قائلا "ولكن لا تحبون الناصحين "ان الذين يعانون من ضعف ثقتهم بانفسهم هم من تشغلهم طريقة النصح عما قد يحمله لهم من خير .ان مثل هؤلاء ليس عندهم وعى بمعرفة ذواتهم فلو عرفوها لتقبلوا كل ما يلقى عليهم من نصح بغية الاستفادة وان حق لهم الغضب من عدم مراعاة الادب . فاول ما يجب عليهم معرفته هو انهم ينتمون الى عالم البشر الغير مبرا من العيوب و لا مبرأ من ذلك الا الانبياء واولهم محمد صلى الله عليه وسلم اذ رباه ربه وزكاه سبحانه وتعالى قائلا "وانك لعلى خلق عظيم "و برغم ما نردد دائما ان كل بنى ادم خطاء الا اننا لا نقبل سماع اخطائنا . اننا كثيرا ما نردد مقولة الامام مالك المشهورة عندما اشار الى قبر النبى صلى الله عليه وسلم قائلا ان غيرصاحب هذا " يؤخذ من كلامه ويرد عليه "واول ما يرد لنا رايا الا انزعجنا كثيرا وكانه لا يجب .وكان المقولة تعنى ان نرد على المتكلمين لا ان يرد علينا . مثل هذه السلوكيات تشير الى اصحابها بمرض عضال يجب ان يبراوا منه والا جنحت بهم نفوسهم الى الهاوية .فهم بذلك ينخلعون من عالم البشر رويدا الى عالم اخر ولا اظنه عالم الملائكة .ليرتب الانسان اموره على حقيقة تحييى قلبه وعقله وهى :ان يقبل الحق من اى انسان كبر ام صغر ايا كان لونه وجنسه ودينه ووطنه " فالحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق الناس بها "فالضالة ينشدها الانسان ولن يرفضها اذا وجدها له احد من الناس مهما كان .فهو على الدوام ينشدها وربما تحايل لايجادها فبالصلاة ربما استحضر الشيطان ليصرفه عن العبادة الى ضالته التى هى من ودائع الدنيا ومتاعها .فما بالك ان كانت ضالة احدنا هى نفسه . ايردها وهو الباحث عنها اذ وجدها له يوما من لا يحبه او حتى من يكرهه ؟ لتكن ضالتنا هى التعرف على نفوسنا وعندها لن نستنكف ممن واين وكيف نتعرف عليها .واكثر القوم نضجا من يفعلون .

الجمعة، 26 فبراير 2010

ام كالخنساء !

عندما تذكر الخنساء الا تذكر القوم صبرها وجلدها على فقد ابنائها الاربعة وكيف ان الايمان بدل حالها بعد شعر الرثاء المنبوذ على اخيها صخر الى صبر الاحتساب والاستسلام التام لله رب العالمين . لكن فى الحقيقة وراء تلك المراة العظيمة شان اخر عظيم لو تاملنا القصة من اولها سندركه .تعالوابنا اولا نحاول الاجابة على هذا السؤال . ماذا تفعل ام عند استدعاء احد ابنائها للمعركة ؟ ربما تبكى او تضطرب وربما تستقوى لاعداد مستلزمات الرحلة الى ساحة الجهاد اوتهتم بتوصية احد الناس على ابنها قائدا كان ام زميل له .ولو كانت ذو جاش ربما تجلدت صبرا على بعده ولو كان عندها من نصائح لمثل هذا الحدث لتركتها وجلها لقائد ينصح ويذكر بفضل الجهاد وفرضيته وعليها ان تطمئن لان فى ذلك من يفوقها حكمة ودراية بفنون الحرب وما يجب ان يكون عليه المسلم فى مثل هذه المواقف .كلا انها لم تفعل ولم يرق لها مثل ذلك وان كان قائد الجيش سعد بن ابى وقاص ومن ورائه الخليفة العادل الراشد الفذ امير المؤمنين عمر بن الخطاب انها تعرف قيمتها كام وتدرك مدى طاعة بنيها ونصحها الذى هو امضى من كلام اى حكيم ومن قائد مهما علت به الرتب .انه شعور الام بالمسؤولية الذى تخطى الافاق فقد جمعت بنيها الاربعة الذاهين للمعركة .جمعتهم اول الليل قبل اندلاع المعركة بساعات معدودة لتتلو عليهم البيان الذى يجب ان ترى صداه فى نضالهم مع الباطل .ولك ان تتخيل ما هى اهم الاشياء التى يجب ان توجهها الام فى تلك اللحظات ؟ توصى بعضهم ببعض ان يكونوا متقاربين.اوان يحمى بعضهم ظهور بعض ؟ما شغلها سلامتهم ولا غنائم حرصت على عودتهم بها .بل قالت لهم "انكم اسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين " انها ارادت فى بداية حديثها اليهم ان تحسن نواياهم فى الذهاب الى القتال .فاعلمتهم انهم غير مجبورين فقد دخلوا فى الاسلام طائعين هاجروا مختارين .لا تريدهم ذاهبين تحت اى ضغوط او حيثيات تفسد عليهم ثمرة الجهاد .ذكرتهم ان كل ما سلف باختيار وحرية سواء فى دخول الاسلام او الهجرة فارادتهم ان يكونوا كذلك عند الاقدام على كل تكليف. فاخبرتهم انه باختيارهم وبارادتهم الجهاد فى سبيل الله . انتم احرار لا تضحوا الا بعد ان تخلصوا انفسكم لله تماما .اياكم ان تحسموا اموركم واهم ما فيها حياتكم ان تكون سدى تحت اى ضغوط ليست من صميم قلوبكم او غير مقتنعين تماما بها انها يجب ان تكون لله وحده سبحانه .وربما ارادت ان تذكرهم بان الجهاد والتضحية من صميم هذا الدين الذى اخترتموه بارادتكم ولقد سبق لكم التضحية بالبلدان والاموال والذكريات اذ هاجرتم مختارين ما اكرهكم احد على ذلك .فلتكن حياتكم فى ظلال الاسلام بارادة وحرية ورغبة لا دافع وراءها الا الله الذى اخترتم دينه واتبعتم نبيه طائعين من قبل فما اكرهكم احد عليه. ثم بعد ذلك تكلمت عن شئ تعجب له اشد العجب وهى قضية عفتها وطهارتها قالت "والله الذى لا الاه الا هو انكم لبنوا رجل واحد كما انكم ابناء امراة واحدة .ما خنت اباكم ولا فضحت خالكم .ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم " لماذا قبل المعركة ابراز هذه القيمة ؟ انها ارادت ببلاغتها فى كلمات معدودات ان تعلمهم باهم ما يجب ان تكون عليه المسلمة . وان نقاء الامهات وعفتهن من اعظم ما يستمد منه الابناء القوة فى الحق .وان فى الجهاد صيانة للحرمات فلو دخل الاعداء الاوطان فربما افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة واكثر ما يذل الاحرار انتهاك اعراض نسائهم .فانكم فى مهمة قوامها الحفاظ على الاعراض .الاعراض التى افتخرتم بها ولم تطئطئوا رؤوسكم يوما بسببها .انها تعلمهم انها قامت بدورها اللائق فى الحفاظ على العرض والان جاء دورهم لصيانة الاعراض التى يدركون اهميتها بعد اذ ذكرتهم بفضلها وما نعموا بجرائها .ثم ذكرتهم بالنعيم المقيم وجزاء المجاهدين والشهداء مستشهدة فى ذلك بقول رب العالمين "يايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " بعد ان حمستهم للقتال والتجلد اذا حمى وطيس المعركة .
نريد ان نخلص من ذلك بعدة امور اهمها : حسن تفهم الام لتربية بنيها حتى ياخذوا عنها كل نافع ويدركون اهميته واهم ما تنشئهم عليه الحرية وايجاد الرغبة الصادقة عند كل عمل يدعون اليه .ومن ثم تدرك الام ان اثرها كبيرا فلا تغفله وانه لا بديل لحكمتها واثرها فى ابنائها مهما علت الحكمة باخرين .وان صيانة عرض الام من مقومات الرجولة لبنيها واخوانها وضمان العزة والتقدم والرقى لهم.ولاجله يجاهد كل فى مجاله بلا ياس او الم نفسى يحول بينه وبين النجاح .ان الذين لا يعتزون بابائهم وامهاتهم لسبب او اخر لن تجد لهم نجاحا فى حياتهم . لذا فليحرص كل من يطلب لبنيه النجاح ان يجد دائما طريقا للقيم التى يجب ان يعتز ويفخر بها الابناء .

الخميس، 18 فبراير 2010

استفراغ الوسع

درج اصحاب الدعوات والمشروعات الاصلاحية واعتادوا على ترديد كلمتى "استفراغ الوسع " كسبب من اسباب النصرة والتمكين ويعتبره الجميع حتمية لا بد منها لاستجلاب وتحقيق النتيجة المرجوة . وهذه حقيقة فنضج كل ثمرة على اختلاف نوعها مرتبط باستفراغ الوسع المتمثل فى حسن انتقاء الفسيلة وحسن رعايتها .الا انهم يمرون على سرد تلك الحقيقة سريعا متحمسين الى اطالة الكلام عن حتمية اخرى وهى هلاك الظالمين الذى لا مناص لهم ولا فكاك منه جراء اعمالهم . ويستهلكون فى ذلك وقتا يضاعف نظيره من استفراغ الوسع اضعافا مضاعفة . وكلما ارادوا ان ينفثوا عن انفسهم مما يمارسه الظالمون افرغوا الجهد فى تبيين ذلك .ولقد تاملت نوحا عليه السلام وهو يستفرغ وسعه اعواما قاربت الالف . وتاتى قصته فى سور عدة منها سورة باسمه عدد اياتها ثمانية وعشرون آية .منها عشرون تبين استفراغ الوسع فى السر والعلن واختيار الزمان الليل والنهار والترغيب تارة بارسال الله السماء عليهم مدرارا وامدادهم بالمال والبنين ووعدهم بالجنات والانهار والمغفرة .والايات توضح ذلك . وفى سورة اخرى بينت الايات استفراغ الوسع فى بناء السفينة وتجميع الحيوانات من كل زوجين اثنين وفق امر الله له وما زال ناصحا لقومه فى كل ذلك ولم يستجيبوا .ثم بين الله سبحانه وتعالى فى اربع آيات ردود افعال قومه .ثم بين فى آية واحدة فقط وهى الآية رقم خمسة وعشرون ما حل بهم من عذاب "مما خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا نارافلم يجدوا لهم من دون الله انصارا " ان حسم قضية الظلم تاتى فى اية واحدة وفى لحظة واحدة وكذا فى سورة اخرى "ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا انهم مغرقون " وفى غير قصة نوح وتحديدا مع هود عليهما السلام يخبرنا سبحانه بالجزاء الذى حل بهم بعد الاعراض فى كلمتين "فكذبوه فاهلكناهم "كلمتان تحسم القضية .لكن البعض اليوم ربما يستفرغ الوسع فى اطالة الكلام عن الظالمين وحتمية الجزاء اللائق بهم وهى حقيقة قائمة متجذرة فى نفس كل انسان خلقه الله فجزاء الظلم واضح عند كل اصحاب الملل والنحل وليست قضية جدلية عند االمؤمنين وغيرهم ليستفرغوا الطاقة فى التدليل عليها ولا تستدعى الاطالة فيها . وفى المقابل يكون المرور العابر على قضية استفراغ الوسع الذى يختصر فى كلمتين وزمن لا يعدو النطق بهما وكاننا استفرغنا الوسع ولم يبق الا انتظار الظلم الذى يوشك ان يقع على الظالمين .ان مسالة استفراغ الوسع هى لب الموضوع الذى يحتاج الى تحديد الوسع والطاقة لدى كل انسان وهذا ليس شيئا هينا بل يستغرق مجهودات يجب التركيز فيها والاستفادة من السابقين فى مثل ذلك .ثم توظيف تلك القدرات والمواهب عند كل فرد فيما يتوافق مع المهام المرصودة والمتاحة .ان استفراغ الوسع يعنى عدم بقاء اى فرد بلا مهمة .ولا يوجد انسان غير قادر على فعل شئ ذى قيمة .ولم يستثنى الله احدا من استفراغ الوسع فى قوله تعالى "ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله " ان الاية مفادها انه لا تعزر الاصناف المذكورة آنفا الا اذا نصحت لله ولرسوله اذ لم تجد ما تستفرغ به وسعها من مال او مركب .ان استفراغ الوسع لا يعنى الصبر والاحتساب حال البلاء والقدرة على التخلى عن كل شئ والتضحية به فقط لكنه ايضا يتمثل فى تفعيل اى قدرة لدى اى فرد قلت ام كبرت وتعنى الاستعداد بما يستطيعه كل انسان من فكرومواهب وحرف ومهن لتكون استفراغا لما يملكه الجميع والذى نستجلب به نصر الله واهلاك الظالمين .اذا فاستفراغ الوسع هى قضية العمرالتى يجب ان يسعى اليها الانسان ما استطاع اليها سبيلا والتى يجب ان ندندن حولها دائما .اما قضية الظلم ومآل الظالمين فتكن تذكرة سريعة لتطمين الساعين للانجاز و تشجيعا على الاسراع وعدم التكاسل .ولا يجب ان يستفرغ الوسع وانفاق الوقت فى الحديث عن الظالمين وتوعدهم بما عند الله من عذاب وفقط .

الجمعة، 12 فبراير 2010

ننفخ فى الاناء!

ان للنفخ فى الاناء مضار كثيرة وهو ليس من الذوقيات ويانف الانسان من ذلك بفطرته . ولذلك نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال "نهى رسول الله عن ان يتنفس فى الاناء او ان ينفخ فيه " رواه ابو داوود. فالهواء الخارج من جوف الانسان عندما يمر على البكتريا التى هى فى حلق الانسان له ضرر بالنافخ ومن ولاه فى الشرب من الاناء . ولقد اثبت العلم الحديث انه اذا وافق ذلك النفخ سطحا ساخنا فانه قد يحول الطعام بما حمله من بكتيريا تسكن حلق الانسان الى احد مسببات السرطان .وعلى هذا كان قوام منهج الاسلام ان يحاذر الانسان فى كل ما يقوم به من قول او فعل حتى وان كان نفسا فى تجنب الضرر والوقاية منه سواء كان على مستوى الفرد او الجماعة.ولقد جال بخاطرى كيف ان ذلك النفس البسيط اثره كبير وضرره يفوق حجمه اضعافا كثيرة .ولقد تاملت ما يضر بالانسان اكثر الضرر فوجدته من جراء ذلك النفس الذى يكون احيانا صامتا واخرى ناطقا. فهو زفير إما يحمل المرض العضوى إن كان صامتا حال النفخ فى الاناء او الطعام الساخن .او ناطقا يسبب المرض النفسى او الاجتماعى والاخلاقى حين يحمل فكرا او كلاما يضر بصاحبه والاخرين .ان الاناء له احتراما ينبع من كونه اداة نرتوى بها ونطعم ولا يصح اهانته بانفاسنا. ولقد جعله الله وسيلة لحمل رزقه الى جوفنا فلا ينبغى ان نحوله الى اداة لمرض ابداننا بجهل لا ينبغى .ان مؤسسات العمل التى اخترنا العمل فيها وقبلناه بارادتنا انما قداستها واحترامها ينبعان من ذات القيمة اذ بمحل العمل ومؤسساته نستقبل ونستشرف رزق الله سبحانه وتعالى الذى ينمو به لحمنا و الذىنحاذر من ان ينبت من سحت او حرام.ان مصدر رزقنا وهو عملنا والعمل قوام الحياة و لا تستقيم الا به يجب ان يكون له الاحترام الوافر الذى يجعلنا نحاذر من ازفارنا التى ننفسها فيه . ان الكلام الذى يلوث المكان كالنفس الذى لوث الاناء الذى ينفخ فيه حتى يصير مصدرا للأمراض .وقد يكون من اسباب ضياع الرزق عدم حرصنا على طهارة الاناء الذى يحمله الينا . فازفارنا الغير محسوبة كما تلوث الاناء بالنفخ و تحوله سرطانا احيانا هى التى قد تحيل محل عملنا الى مثل ذلك .ان المسلم الواعى هو الذى يستمد قوته ونهضته من قيم الاسلام والتى بنيت على محاذرة الضرر الواقع على الانسان او غيره .ولقد تذكرت مثلا لأمى كانت دائما ما تستشهد به عند اضطرارها الحكم على بعض الناس اذا ما دعيت لذلك اذ كان اعيب الناس عندها هو ذلك الشخص "الذى يبصق فى الماعون الذى يشرب فيه ".
رحم الله امى وصلى الله على محمد وآله وصحبه الاطهار .

السبت، 23 يناير 2010

وجبة باهظة التكلفة

ان من الناس من يرى تمام سعادته فى الكلام عن الغير والتشهير بهم. ويقضى الليالى الطوال يتحدث بغير علم فيما لا يعنيه وينسى ان ذلك منافيا لتعاليم الاسلام الصريحة حيث قال صلى الله عليه وسلم "من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه "فما بالك ان كان الكلام فيما لا يعنى افتراءا لا اقول على البشر لكنه افتراءا على الله لان سؤ الظن انما هو ممقوت لاسباب كثيرة اهمها انه منازعة لرب العالمين فى غيبه "لا يعلم الغيب الا الله " فسؤ الظن بالناس انما هو سؤ ادب مع الله فى المقام الاول لانه ادعاء لعلم ما فى الغيب وهذا اختص به رب العالمين .فما اعطاها لافضل خلقه محمد "ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السؤ" هذا ادب النبى محمد صلى الله عليه وسلم مع ربه . اما بعضنا اليوم فهم تعالوا بسؤ ظنهم على رب العالمين ولا يدرون .ولو ملكوا الدليل على الناس بفسقهم فالستر اوجب فى حق المسلم والتشهير به مرفوض من شريعة الاسلام .اما عندما يكون التشهير محض افتراء ولا دليل معه فى ذلك فان الفاعل لا يعبر الا عن نفس اعتلاها ركام الاثم والتوغل فى اعراض الناس .وكما قيل من احد اسلافنا :اى اللحوم افضل ؟ لحوم الدراج ام الدجاج ؟ قيل بل لحوم البشر الذ .ان سعادة البعض فى مضغ لحوم البشر لتعلو سعادة الجياع عند حضور اللحم بنوعيه الاسماك (الدراج ) والدجاج .انها سعادة غالية الثمن لكن فاتورتها مؤجلة لحين لقاء رب العالمين . انها اغلى وجبة فى العالم اذ انها بعملة نادرة وان شئت فسمها العملة الصعبة بل المستحيلة الحصول. انها تكلف ما هو اهم من المال والجاه والسلطان ولو ملكناه جميعا ما سد ثمن تلك الوجبة "يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم "ان آكلى لحوم البشر ومدمنيه يضيعون دنياهم بلا فائدة ولا طائل .فلو ملك احدهم الارض يوم القيامة لن تقبل منه اذ ظلم غيره من الناس .ولن تزول قدمه حتى ياتى بنفاد ما قد قال فى الاخرين .ما شهد على الجريمة ولم يكن خصما ولا حكما ولم يطلب منه ذلك ويقسم على الله ان فلان اخذ كذا وفعل كذا ؟ يا الله .رحمتك يا رب بنا وبعبادك .انهم اقسموا ان يوزعوا حسناتهم ويحملوا اوزار غيرهم ساعة اقسموا ادعاءا بما لم يروه . ليس هناك طائل ولا عائد من كل ذلك الا انفاق الحسنات وحمل السيئات بلا جدوى ولا فائدة ولن يبلغهم ذلك متاعا من الدنيا ولا مكانة فى الاخرة .ان الاذكياء الفطناء هم الذين يتجاوزون ذلك الى ما يصلح معاشهم ومعادهم منصرفين الى ما يفيد .اما المبتلين بكلام الناس نقول لهم انه ليس بلاءا بل نعمة من رب العالمين وتكفير للسيئات وزيادة فى الحسنات .واحب ان اسمع الجميع قول الشاعر "ان كان عندك يا زمان بقية مما يهان بها الكرام فهاتها " ان الصبر على مثل ذلك رفعة للشان عند رب العالمين اذ لا تقابل الاساءة بالاساءة بل بالاحسان .فمن الصدقات المتقبلة .التصدق بالعرض على كل من نال منه . وهذا ديدن الصحابة ومن سار على دربهم. ومن الناس من لا يرجو الحسنات من هذا الباب لكن يرجوها من فضل رب العالمين وجوده وكرمه اذ اكرم كل من نال من عرضه وخاض فى سيرته بما ليس فيه بالعفو والمسامحة فبهما يتقرب اليه سبحانه الذى يعلم السر واخفى.انظر الى النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى كل حالاته ما ملك الا العفو فهو شيمة الكرام والانبياء والرسل فما زاد على قومه اذ آذوه الا ان قال "اذهبوا فانتم الطلقاء " اتمنى ان نملكها دائما ونقدر عليها ما جهل الجاهلون وتقول القائلون .

الأحد، 17 يناير 2010

لا ارضى واحد ابنائى فى النار

رضى كل من البشر مرهون بتحقق طموحاته .فمن الناس من يرتاح عند حصول ابنائه على قسط التعليم الذى يؤهلهم للحياة ويرضى .وكلما حقق الابناء درجة من الاستقرار كلما تحقق معها مزيد من الرضى .الى ان يتزوجوا وحبذا لوادرك احدنا الاحفاد ولعب معهم ولعبوا معه .فما اجمل اللحظات. و على كبر سن احدنا وانحناء ظهره الا انه اقدر على استيعاب الاحفاد واللهو معهم بما لم يملكه فى امسه من خبرة وقدرة وحكمة تمكنه من اعطائها للابناء .ونحن جميعا نتوق لذلك ونحلم به ولا باس ان يسعى كل منا راجيا الله ان يبلغه مثل هذه اللحظات الجميلة التى تقر بها العين وتسعد لها النفس ويطرب لها الفؤاد.ولكن هل يكتمل رضى احدنا بذلك ؟اى عندما يدرك الاحفاد ومن قبل الابناء فى سعادة واستقرار وسعة فى رزق وبلغة من عيش ووفرة من منصب .حتى اذا سئل عن احواله واحوال ابنائه فاض بالرضى والحمد اذ منحه رب العالمين زمنا ليرى ما كان يحلم به ويرجوه .وكأن الامر الى هذا الحد قد انتهى والرضا قد اكتمل .والى عهدى احلم به وارجوه وكنت احسبه تمام الرضا وبلوغ الامانى التى يحلم بها ويرجوها الناس حتى قرأت فى تفسير قول رب العالمين "ولسوف يعطيك ربك فترضى "ما ذكره محمد صلى اله عليه وسلم فما ان نزلت الاية حتى قال "لا ارضى وأحد من امتى فى النار "وفى رواية " لا ارضى واحد من اهل بيتى فى النار "عندها دار بخلدى أشياء كثيرة وكان على راسها عظمة النبى صلى الله عليه وسلم رحمة الله المهداة الى العالمين. وكيف ان رحمته قادته حيث لا يستقر فؤاده و لا تسعد نفسه وترضى الرضا التام الا اذا كان جميع اهله وامته فى الجنة .ان رضاه بما اعطاه له ربه من فتح وتمكين فى قلوب الناس وما اعده له رب العالمين من منزلة ومكانة فى الاخرة ما انساه اهله وامته يوم القيامة .فلا يرضى حتى يدخلوا الجنة .ان رضاه حيث بلغت رحمته .اما رضانا حيث بلغت بنا اقدامنا .كنت كلما قرات الاية " ولسوف يعطيك ربك فترضى "اشعر بنعمة الله وبما افاض على به من بلوغ الامانى ومنها المال والولد .لكن يا ترى لو ان
احدنا وجد فى النار احد ابنائه اواحفاده الذين سعد بهم فى الدنيا ايبقى ذلك من سعادته شئ ؟ ان رحمة النبى محمد صلى الله عليه وسلم تعدت الافاق والتطلعات والطموحات فلا سعادة ولا رضى يكمل بغير الجنة و النجاة من النار . ان سعادة احدنا بنجاح ولده فى الثانوية العامة وحصوله على درجات الطب والهندسة لتبلغ باحدنا مبلغ الرضا الذى ربما يفوق رضا دخوله الجنة والى ذلك نكرس جهدنا وطاقاتنا من مال ووقت عاملين على بلوغ الجامعة بما لم نعمله من اجل دخوله الجنة والبعد عن النار .لا اقلل ولا اسفه ممن كان شانه بلوغ ولده المال والسلطان لكن الا يستحسن ان نبذل الجهد المناسب لجعل ذلك المال والسلطان قربة لرب العالمين وسعيا الى الجنة .يجب الا يغيب عن وعينا عند توجيه اولا دنا فى كل ما نرجوه ويرجونه من امال الدنيا ان يصحبوا معهم خشية الله وابتغاء وجهه بكل ما يؤتون فيها .ان هناك فرق بين طالب علم يستطل به على الناس وينافس غيره فى الجاه والسلطان واخر يرجو به وجه الله . فما يكمل رضا الاباء الا اذا كان ما يحققه الابناء فى الدنيا سبيل تقر به عيون الاباء فى الاخرة فضلا عن رضاهم فى الدنيا .
فلا رضى واحد ابنائنا فى النار.لمثل ذلك فليعمل الاباء وكل من وليى امرغيره ولو كان واحدا .ليعمل على نجاته ونجاتهم من النار .ولو عاش بهذه الروح لكان عليهم احلم ونظره لنقاط ضعفهم ادعى للقرب واوجب للعلاج يردهم الى طريق الصواب بدل ان يجافيهم ويتخذ منهم موقفا قد يكون من شأنه عدم القيام بالواجب المطلوب وفق امر رب العالمين "قوا انفسكم واهليكم نارا ".
وليكن عملنا وجهدنا لمن ولينا امورهم من قريب او بعيد انما هو لغاية واحدة واضحة وهى العمل على ان يكونوا من اصحاب جنة رب العالمين وليكن شعار الجميع "لا ارضى واحد ابنائى فى النار "لنرفعه شعارا ونجعل منه انطلاقة نحو تربية هادفة واسلوب واضح نعلم من خلاله ماذا نفعل ولاى شئ نبذل و كيف نوجه ومتى ينبغى ان نسعد ومتى وعلى اى شئ نحزن .فرب ما يسعدنا وما يحزننا ليس له علاقة بقضيتنا الكبرى وهى الا نكون نحن او احد احبائنا فى النار
ويا سلام لو كنا كده