السبت، 22 مايو 2010

فرحة النصر

ذهبت الى صديقى اناقشه واحاوره فى طريقته لعلاج اموره وهو غالبا ما يثور منفعلا بكلمات قد تضره قبل الاخرين ولا يستطيع حمل اعبائها .فقلت له متوددا ما الذى يحملك على مثل ما تقول عندما تكون فى مواقف تختلف فيها الاراء وتتباين لا سيما حول ما لك من حق وما عليك من واجب؟ فاجاب "انه اذ لم يفعل ذلك ربما لا يقوى على النوم طيلة اسبوع ولا يقر له جفن ولا يهدا ". وحتى ينام قرير العين فعليه ان يخرج ما عنده من كلام ليقر بذلك ويسعد فى نومه ويهنأ بأهله ويهنأون به " قلت له حتى وان كان فى ذلك فقدان لعمل او تشتيت لاسرة او مضايقة لاخرين ؟ اجاب نعم هو ذلك .وهنا تعجبت كيف يتحول الانسان الى عدو لنفسه ويرى الراحة والسكينة فيما يضر به والاخرين من زوجة وولد ؟ وكيف يعد ذلك نصرا يجنى فرحته قرة عين واستقرار وسعادة ؟وعلى من انتصر ؟ النفس ام الشيطان أماذا ؟ لا استطيع ان احدد ولا اعتبره نصرا صراحة .انها هزيمة وهزيمة منكرة صرعه فيها الهوى والشيطان والنفس وحظوظهما . فما مصدر تلك السعادة الزائفة التى لا يجد الانسان لها حلاوة فى قلبه وسرعان ما تتلاشى وتتبدد وتتحول الى كابوس يجسم ليلاعلى صدره فلا ينفك منه الا بصعوبة وكثيرخسائر . ان مصدر هذه السعادة الكاذبة هو شعور الانسان بالوهن والعجز الكامن فى اعماق النفس واغوارها والذى يحلم صاحبها بان تاتيه الفرصة ليثبت ذاته من خلال علو صوت لا يحمل الا محاولة اثبات قوة كاذبة بما يتفوه به من كلمات توحى للسامعين بشجاعة وجرأه .ان ما يرتاح بفعله صاحبنا هو ما يجب ان يتنزه عنه ويفارقه .ولو كلفه اياما وليالى من ارق وذهاب راحة وان طالت مدتهما .فالخسارة حينئذ طفيفة والمكاسب كبيرة لا تعد ولا تحصى .اولها :- انتصار على النفس بكظم الغيظ المامور به فى الكتاب "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " وثانيا :-تجنب الاساءة الى الاخرين وعدم ظهور الانسان بموقف غير لائق به من صخب وغضب نهى عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه النصيحة من احد المسلمين فقال مكررها ثلاثا " لا تغضب " ثالثا :-تجنب الخسارة التى قد تلحق بالفرد من جراء ما يقوله غاضبا من فقدان لحقوقه التى لم يستطع الحصول عليها بادب النبوة وهو " حسن الطلب "كما اشار صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب عندما هم بقتل الاعرابى الذى دخل عليه فى مجلسه جاذبا اياه من ردائه حتى اثر فى عنقه قائلا للنبى محمد انكم يا بنى عبد المطلب قوم مطل فقال له يا عمر عليك "ان تامره بحسن الطلب وتامرنى بحسن الاداء" ان من اعظم المشاعر التى تنتاب الانسان ويرتاح بها هى مشاعر النصر . والنصر الحقيقى هو على النفس بمخالفتها وكظم الغيظ المامور به فى كتاب الله .عندها يجد الانسان حلاوة ذلك النصر فى قلبه . تماما كما يترك النظرة المسمومة التى هى من سهام ابليس "فمن تركها مخافة الله ابدله الله ايمانا يجد حلاوته فى قلبه "انها حلاوة وفرحة النصر على النفس وان استطاع الانسان ذلك لكان سعيدا ما حيا وما فعل .ان الحاصل الان ان الامور مقلوبه فما يسعد ويقر به صاحبنا للحظات هو ما يشقيه طويلا . ان علامات النجاح والتقدم للامام والنصر هى فى التحول عن ذلك تماما بالتحكم فى النفس وكبتها وان تعبت .وامساكها وان سهرت وارقت .وبات الان علينا جميعا وعلى صاحبنا ان يدرب نفسه حتى ياتى اليوم الذى يقول فيه
"الان استطيع النوم ملئ جفونى وانعم بالراحة والفرحة اذ كظمت غيظى ولم اغضب " ويا له من نصر عظيم .

هناك 3 تعليقات:

  1. و الله موضوع عظيم
    قد تبحرت فيه منذ أيام.. فلم أجد أعظم من قوله تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }الشورى43
    بس الموضوع اللي كان غايب عني هو الكيفية بمعنى:
    كيف تصبر .. كيف تتصبر .. كيف تغفر .
    كل هذا أسرار من اسرار النفس و التي اهتم بها علماء النفس - أهل الذكر كما و صفهم ربنا:
    فقالوا:
    1- القدوة بالنبي ( خاصة مهارات اتصاله بالآخرين).
    2- الخلوة العلاجية - في مكان مريح هادئ يتفكر بكل وجدانه في معنى الصبر و العفو و المغفرة كل يوم لمدة 3 شهور حتى يصبح سلوكا في طباعه.
    3- ملاحظة النفس و تدوين تحسنها و اخفاقها و الثناء عليها في المواقف التي انتصر فيها على موقف الغضب او الأنفعال و قال تعالى :
    {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الذاريات21
    و بذلك ينضبط الإنسان انفعاله و يحظى بمفهموم جديد اسمه: ضبط الانفعالات ووقتها ينعم بالنصر الذي حققه على أي الذات و ضبط و ليس ألم الآخرين و إيذائهم.
    و نسأل الله الصلاح و القبول.
    و جزاك الله خيرا
    أبو مالك

    ردحذف
  2. تسلم أستاذ .. رغم معرفتي بمبدأ ما تفضلت وكتبت عنه في هذه المقالة إلا أن طرحك للموضوع جداً رائع وأن فرحة النصر ليست بحل الأمور بالغضب لأن العمر أقصر من ذلك، وأن الذي يذهب ليقتصّ من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأ عليه سوف يعود بذهاب الأجر، وعظيم الوزر، وضيق الصدر.. والاستقرار النفسي والعفو من الرحمن الرحيم، وطريقة العفو العام عن كل مسيء هي أفضل دواء في العالم يصرف من صيدلة الوحي ((ادفع بالتي هي أحسن)).
    غفر الله لنا إساءاتنا للغير، وغفر الله لمن أساء إلينا , ونسأل الله تعالى أن يرزقنا التطبيق و كمال التوفيق وغداً نلتقي في الجنة إن شاء الله تحت مظلة (( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)).

    ردحذف
  3. تسلم أستاذ .. رغم معرفتي بمبدأ ما تفضلت وكتبت عنه في هذه المقالة إلا أن طرحك للموضوع جداً رائع وأن فرحة النصر ليست بحل الأمور بالغضب لأن العمر أقصر من ذلك، وأن الذي يذهب ليقتصّ من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأ عليه سوف يعود بذهاب الأجر، وعظيم الوزر، وضيق الصدر.. والاستقرار النفسي والعفو من الرحمن الرحيم، وطريقة العفو العام عن كل مسيء هي أفضل دواء في العالم يصرف من صيدلية الوحي ((ادفع بالتي هي أحسن)).
    غفر الله لنا إساءاتنا للغير، وغفر الله لمن أساء إلينا , ونسأل الله تعالى أن يرزقنا التطبيق و كمال التوفيق وغداً نلتقي في الجنة إن شاء الله تحت مظلة (( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)).

    ردحذف