السبت، 23 يناير 2010

وجبة باهظة التكلفة

ان من الناس من يرى تمام سعادته فى الكلام عن الغير والتشهير بهم. ويقضى الليالى الطوال يتحدث بغير علم فيما لا يعنيه وينسى ان ذلك منافيا لتعاليم الاسلام الصريحة حيث قال صلى الله عليه وسلم "من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه "فما بالك ان كان الكلام فيما لا يعنى افتراءا لا اقول على البشر لكنه افتراءا على الله لان سؤ الظن انما هو ممقوت لاسباب كثيرة اهمها انه منازعة لرب العالمين فى غيبه "لا يعلم الغيب الا الله " فسؤ الظن بالناس انما هو سؤ ادب مع الله فى المقام الاول لانه ادعاء لعلم ما فى الغيب وهذا اختص به رب العالمين .فما اعطاها لافضل خلقه محمد "ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السؤ" هذا ادب النبى محمد صلى الله عليه وسلم مع ربه . اما بعضنا اليوم فهم تعالوا بسؤ ظنهم على رب العالمين ولا يدرون .ولو ملكوا الدليل على الناس بفسقهم فالستر اوجب فى حق المسلم والتشهير به مرفوض من شريعة الاسلام .اما عندما يكون التشهير محض افتراء ولا دليل معه فى ذلك فان الفاعل لا يعبر الا عن نفس اعتلاها ركام الاثم والتوغل فى اعراض الناس .وكما قيل من احد اسلافنا :اى اللحوم افضل ؟ لحوم الدراج ام الدجاج ؟ قيل بل لحوم البشر الذ .ان سعادة البعض فى مضغ لحوم البشر لتعلو سعادة الجياع عند حضور اللحم بنوعيه الاسماك (الدراج ) والدجاج .انها سعادة غالية الثمن لكن فاتورتها مؤجلة لحين لقاء رب العالمين . انها اغلى وجبة فى العالم اذ انها بعملة نادرة وان شئت فسمها العملة الصعبة بل المستحيلة الحصول. انها تكلف ما هو اهم من المال والجاه والسلطان ولو ملكناه جميعا ما سد ثمن تلك الوجبة "يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم "ان آكلى لحوم البشر ومدمنيه يضيعون دنياهم بلا فائدة ولا طائل .فلو ملك احدهم الارض يوم القيامة لن تقبل منه اذ ظلم غيره من الناس .ولن تزول قدمه حتى ياتى بنفاد ما قد قال فى الاخرين .ما شهد على الجريمة ولم يكن خصما ولا حكما ولم يطلب منه ذلك ويقسم على الله ان فلان اخذ كذا وفعل كذا ؟ يا الله .رحمتك يا رب بنا وبعبادك .انهم اقسموا ان يوزعوا حسناتهم ويحملوا اوزار غيرهم ساعة اقسموا ادعاءا بما لم يروه . ليس هناك طائل ولا عائد من كل ذلك الا انفاق الحسنات وحمل السيئات بلا جدوى ولا فائدة ولن يبلغهم ذلك متاعا من الدنيا ولا مكانة فى الاخرة .ان الاذكياء الفطناء هم الذين يتجاوزون ذلك الى ما يصلح معاشهم ومعادهم منصرفين الى ما يفيد .اما المبتلين بكلام الناس نقول لهم انه ليس بلاءا بل نعمة من رب العالمين وتكفير للسيئات وزيادة فى الحسنات .واحب ان اسمع الجميع قول الشاعر "ان كان عندك يا زمان بقية مما يهان بها الكرام فهاتها " ان الصبر على مثل ذلك رفعة للشان عند رب العالمين اذ لا تقابل الاساءة بالاساءة بل بالاحسان .فمن الصدقات المتقبلة .التصدق بالعرض على كل من نال منه . وهذا ديدن الصحابة ومن سار على دربهم. ومن الناس من لا يرجو الحسنات من هذا الباب لكن يرجوها من فضل رب العالمين وجوده وكرمه اذ اكرم كل من نال من عرضه وخاض فى سيرته بما ليس فيه بالعفو والمسامحة فبهما يتقرب اليه سبحانه الذى يعلم السر واخفى.انظر الى النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى كل حالاته ما ملك الا العفو فهو شيمة الكرام والانبياء والرسل فما زاد على قومه اذ آذوه الا ان قال "اذهبوا فانتم الطلقاء " اتمنى ان نملكها دائما ونقدر عليها ما جهل الجاهلون وتقول القائلون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق