الخميس، 18 فبراير 2010

استفراغ الوسع

درج اصحاب الدعوات والمشروعات الاصلاحية واعتادوا على ترديد كلمتى "استفراغ الوسع " كسبب من اسباب النصرة والتمكين ويعتبره الجميع حتمية لا بد منها لاستجلاب وتحقيق النتيجة المرجوة . وهذه حقيقة فنضج كل ثمرة على اختلاف نوعها مرتبط باستفراغ الوسع المتمثل فى حسن انتقاء الفسيلة وحسن رعايتها .الا انهم يمرون على سرد تلك الحقيقة سريعا متحمسين الى اطالة الكلام عن حتمية اخرى وهى هلاك الظالمين الذى لا مناص لهم ولا فكاك منه جراء اعمالهم . ويستهلكون فى ذلك وقتا يضاعف نظيره من استفراغ الوسع اضعافا مضاعفة . وكلما ارادوا ان ينفثوا عن انفسهم مما يمارسه الظالمون افرغوا الجهد فى تبيين ذلك .ولقد تاملت نوحا عليه السلام وهو يستفرغ وسعه اعواما قاربت الالف . وتاتى قصته فى سور عدة منها سورة باسمه عدد اياتها ثمانية وعشرون آية .منها عشرون تبين استفراغ الوسع فى السر والعلن واختيار الزمان الليل والنهار والترغيب تارة بارسال الله السماء عليهم مدرارا وامدادهم بالمال والبنين ووعدهم بالجنات والانهار والمغفرة .والايات توضح ذلك . وفى سورة اخرى بينت الايات استفراغ الوسع فى بناء السفينة وتجميع الحيوانات من كل زوجين اثنين وفق امر الله له وما زال ناصحا لقومه فى كل ذلك ولم يستجيبوا .ثم بين الله سبحانه وتعالى فى اربع آيات ردود افعال قومه .ثم بين فى آية واحدة فقط وهى الآية رقم خمسة وعشرون ما حل بهم من عذاب "مما خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا نارافلم يجدوا لهم من دون الله انصارا " ان حسم قضية الظلم تاتى فى اية واحدة وفى لحظة واحدة وكذا فى سورة اخرى "ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا انهم مغرقون " وفى غير قصة نوح وتحديدا مع هود عليهما السلام يخبرنا سبحانه بالجزاء الذى حل بهم بعد الاعراض فى كلمتين "فكذبوه فاهلكناهم "كلمتان تحسم القضية .لكن البعض اليوم ربما يستفرغ الوسع فى اطالة الكلام عن الظالمين وحتمية الجزاء اللائق بهم وهى حقيقة قائمة متجذرة فى نفس كل انسان خلقه الله فجزاء الظلم واضح عند كل اصحاب الملل والنحل وليست قضية جدلية عند االمؤمنين وغيرهم ليستفرغوا الطاقة فى التدليل عليها ولا تستدعى الاطالة فيها . وفى المقابل يكون المرور العابر على قضية استفراغ الوسع الذى يختصر فى كلمتين وزمن لا يعدو النطق بهما وكاننا استفرغنا الوسع ولم يبق الا انتظار الظلم الذى يوشك ان يقع على الظالمين .ان مسالة استفراغ الوسع هى لب الموضوع الذى يحتاج الى تحديد الوسع والطاقة لدى كل انسان وهذا ليس شيئا هينا بل يستغرق مجهودات يجب التركيز فيها والاستفادة من السابقين فى مثل ذلك .ثم توظيف تلك القدرات والمواهب عند كل فرد فيما يتوافق مع المهام المرصودة والمتاحة .ان استفراغ الوسع يعنى عدم بقاء اى فرد بلا مهمة .ولا يوجد انسان غير قادر على فعل شئ ذى قيمة .ولم يستثنى الله احدا من استفراغ الوسع فى قوله تعالى "ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله " ان الاية مفادها انه لا تعزر الاصناف المذكورة آنفا الا اذا نصحت لله ولرسوله اذ لم تجد ما تستفرغ به وسعها من مال او مركب .ان استفراغ الوسع لا يعنى الصبر والاحتساب حال البلاء والقدرة على التخلى عن كل شئ والتضحية به فقط لكنه ايضا يتمثل فى تفعيل اى قدرة لدى اى فرد قلت ام كبرت وتعنى الاستعداد بما يستطيعه كل انسان من فكرومواهب وحرف ومهن لتكون استفراغا لما يملكه الجميع والذى نستجلب به نصر الله واهلاك الظالمين .اذا فاستفراغ الوسع هى قضية العمرالتى يجب ان يسعى اليها الانسان ما استطاع اليها سبيلا والتى يجب ان ندندن حولها دائما .اما قضية الظلم ومآل الظالمين فتكن تذكرة سريعة لتطمين الساعين للانجاز و تشجيعا على الاسراع وعدم التكاسل .ولا يجب ان يستفرغ الوسع وانفاق الوقت فى الحديث عن الظالمين وتوعدهم بما عند الله من عذاب وفقط .

هناك تعليقان (2):

  1. ياسلام ياعمنا ، انظر من حولك كام قناة تنتقد فى الحكومة ليل نهار ، وكام واحد يدلوا بدلوه فى النقائص التى تعترى الامه ، وكام برنامج على قدر عالى من الهيافة فى اثارة الفتن والقضايا الباهته ، وعلى النقيض لانرى اى صاحب منهج وطريقة عملية للاصلاح ، حتى فى الكورة يااخى ترى المبارة ساعة ونصف ، والنقد لها يدوم بعشرات الساعات على القنوات المختلفة ، وكل السادة النقاد لم يحصلوا حتى على ميدالية صفيح فى مجال الكرة
    مااسهل الجهاد باللسان فى هذا الزمان

    ردحذف
  2. اشكرك اخى هشام
    على صبرك على قراءة ما اكتب وكذا جزيل شكرك على ما تعلق به .ولقد استفدت كثيرا مما كتبته تحياتى

    ردحذف