الجمعة، 26 فبراير 2010

ام كالخنساء !

عندما تذكر الخنساء الا تذكر القوم صبرها وجلدها على فقد ابنائها الاربعة وكيف ان الايمان بدل حالها بعد شعر الرثاء المنبوذ على اخيها صخر الى صبر الاحتساب والاستسلام التام لله رب العالمين . لكن فى الحقيقة وراء تلك المراة العظيمة شان اخر عظيم لو تاملنا القصة من اولها سندركه .تعالوابنا اولا نحاول الاجابة على هذا السؤال . ماذا تفعل ام عند استدعاء احد ابنائها للمعركة ؟ ربما تبكى او تضطرب وربما تستقوى لاعداد مستلزمات الرحلة الى ساحة الجهاد اوتهتم بتوصية احد الناس على ابنها قائدا كان ام زميل له .ولو كانت ذو جاش ربما تجلدت صبرا على بعده ولو كان عندها من نصائح لمثل هذا الحدث لتركتها وجلها لقائد ينصح ويذكر بفضل الجهاد وفرضيته وعليها ان تطمئن لان فى ذلك من يفوقها حكمة ودراية بفنون الحرب وما يجب ان يكون عليه المسلم فى مثل هذه المواقف .كلا انها لم تفعل ولم يرق لها مثل ذلك وان كان قائد الجيش سعد بن ابى وقاص ومن ورائه الخليفة العادل الراشد الفذ امير المؤمنين عمر بن الخطاب انها تعرف قيمتها كام وتدرك مدى طاعة بنيها ونصحها الذى هو امضى من كلام اى حكيم ومن قائد مهما علت به الرتب .انه شعور الام بالمسؤولية الذى تخطى الافاق فقد جمعت بنيها الاربعة الذاهين للمعركة .جمعتهم اول الليل قبل اندلاع المعركة بساعات معدودة لتتلو عليهم البيان الذى يجب ان ترى صداه فى نضالهم مع الباطل .ولك ان تتخيل ما هى اهم الاشياء التى يجب ان توجهها الام فى تلك اللحظات ؟ توصى بعضهم ببعض ان يكونوا متقاربين.اوان يحمى بعضهم ظهور بعض ؟ما شغلها سلامتهم ولا غنائم حرصت على عودتهم بها .بل قالت لهم "انكم اسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين " انها ارادت فى بداية حديثها اليهم ان تحسن نواياهم فى الذهاب الى القتال .فاعلمتهم انهم غير مجبورين فقد دخلوا فى الاسلام طائعين هاجروا مختارين .لا تريدهم ذاهبين تحت اى ضغوط او حيثيات تفسد عليهم ثمرة الجهاد .ذكرتهم ان كل ما سلف باختيار وحرية سواء فى دخول الاسلام او الهجرة فارادتهم ان يكونوا كذلك عند الاقدام على كل تكليف. فاخبرتهم انه باختيارهم وبارادتهم الجهاد فى سبيل الله . انتم احرار لا تضحوا الا بعد ان تخلصوا انفسكم لله تماما .اياكم ان تحسموا اموركم واهم ما فيها حياتكم ان تكون سدى تحت اى ضغوط ليست من صميم قلوبكم او غير مقتنعين تماما بها انها يجب ان تكون لله وحده سبحانه .وربما ارادت ان تذكرهم بان الجهاد والتضحية من صميم هذا الدين الذى اخترتموه بارادتكم ولقد سبق لكم التضحية بالبلدان والاموال والذكريات اذ هاجرتم مختارين ما اكرهكم احد على ذلك .فلتكن حياتكم فى ظلال الاسلام بارادة وحرية ورغبة لا دافع وراءها الا الله الذى اخترتم دينه واتبعتم نبيه طائعين من قبل فما اكرهكم احد عليه. ثم بعد ذلك تكلمت عن شئ تعجب له اشد العجب وهى قضية عفتها وطهارتها قالت "والله الذى لا الاه الا هو انكم لبنوا رجل واحد كما انكم ابناء امراة واحدة .ما خنت اباكم ولا فضحت خالكم .ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم " لماذا قبل المعركة ابراز هذه القيمة ؟ انها ارادت ببلاغتها فى كلمات معدودات ان تعلمهم باهم ما يجب ان تكون عليه المسلمة . وان نقاء الامهات وعفتهن من اعظم ما يستمد منه الابناء القوة فى الحق .وان فى الجهاد صيانة للحرمات فلو دخل الاعداء الاوطان فربما افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة واكثر ما يذل الاحرار انتهاك اعراض نسائهم .فانكم فى مهمة قوامها الحفاظ على الاعراض .الاعراض التى افتخرتم بها ولم تطئطئوا رؤوسكم يوما بسببها .انها تعلمهم انها قامت بدورها اللائق فى الحفاظ على العرض والان جاء دورهم لصيانة الاعراض التى يدركون اهميتها بعد اذ ذكرتهم بفضلها وما نعموا بجرائها .ثم ذكرتهم بالنعيم المقيم وجزاء المجاهدين والشهداء مستشهدة فى ذلك بقول رب العالمين "يايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " بعد ان حمستهم للقتال والتجلد اذا حمى وطيس المعركة .
نريد ان نخلص من ذلك بعدة امور اهمها : حسن تفهم الام لتربية بنيها حتى ياخذوا عنها كل نافع ويدركون اهميته واهم ما تنشئهم عليه الحرية وايجاد الرغبة الصادقة عند كل عمل يدعون اليه .ومن ثم تدرك الام ان اثرها كبيرا فلا تغفله وانه لا بديل لحكمتها واثرها فى ابنائها مهما علت الحكمة باخرين .وان صيانة عرض الام من مقومات الرجولة لبنيها واخوانها وضمان العزة والتقدم والرقى لهم.ولاجله يجاهد كل فى مجاله بلا ياس او الم نفسى يحول بينه وبين النجاح .ان الذين لا يعتزون بابائهم وامهاتهم لسبب او اخر لن تجد لهم نجاحا فى حياتهم . لذا فليحرص كل من يطلب لبنيه النجاح ان يجد دائما طريقا للقيم التى يجب ان يعتز ويفخر بها الابناء .

هناك 6 تعليقات:

  1. أشكرك جزيل الشكر على هذه المقالة الرائعة وإن الحديث عن النقطة الأولى وهي الحرية لذو شجون عندي ، فالمربي الحكيم أبا كان أو أما أو مربياً هو الذي يجعل أبناءه يختارون طريقهم مع التوجيه والنصح لا بالفرض والإجبار ، وشعور الابن بأنه الذي يختار يمنحه الحرية التي تثمر القوة والتفوق والإبداع لأن اختياره نابع عن قناعة أما الإجبار والتسلط فيثمر ضعفا وخورا مما ينتج معه جيل من القطيع والعبيد

    ردحذف
  2. اعلم يااخى ان الامة الحرة تاتى من امهات احرار ، فلكم اتعجب من بعض اصحاب الجنسيات المختلفة الذين لايهتمون بمال او اجر اذا تقاطع هذا مع جزء من حريتهم ، وكم اتحسر على اناس اخريين باعوا كل صور الكرامة والعزة بسبب الريال و الدرهم
    فيا امهاتنا المصريين ربوا اولادكم على ماتربى عليه الاجداد

    ردحذف
  3. اضيفكم يا احبائى ان من اهم فشل الابناء فى دراستهم وربما فى حياتهم هو الاكراه والاجبار من قبل الوالدين للحصول على درجات علمية معينة فى كليات معينة .ولان الله فطرهم على الحرية فينشا الرفض الفطرى والداخلى عند كل تسلط ولو كان هدفه يحمل الخير .ولو ترك الابناء واحسن توجيههم لربما حققوا ما نريده لهم .

    ردحذف
  4. أحببت ما أوصت به الخنساء أبنائها والرائع كيف بدأت الوصايا بـ " "انكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين "وهذا ما تفضلتم بالكلام عنه وهي" الحرية " وأردفت قائلة : " واللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هَجَّنت حَسبكم، ولا غَيَّرت نسبكم " وأنا أرى الحكمة هنا في حثهم على الجهاد والهدف هو صيانة العرض لما فيه من ضمان لللعزة والتقدم والرقي لهم.
    ولا عجب في الأمر، فهذا هو حال الإسلام دائمًا مع معتنقيه ومحبيه، يحيل حياتهم إلى فضائل، ويغرس فيهم الصبر والإيمان ويعينهم على التسامي على الشدائد والمحن.
    تسلم أستاذي فقد استمتعت بكل كلمة ووصف مقالتك برائعة قليل في حقها لما فيها من العِبر ويا سلام لو كنا بحكمة وصبر الخنساء ..

    ردحذف
  5. أحببت ما أوصت به الخنساء أبنائها والرائع كيف بدأت الوصايا بـ " "انكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين "وهذا ما تفضلتم بالكلام عنه وهي" الحرية " وأردفت قائلة : " واللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هَجَّنت حَسبكم، ولا غَيَّرت نسبكم " وأنا أرى الحكمة هنا في حثهم على الجهاد والهدف هو صيانة العرض لما فيه من ضمان لللعزة والتقدم والرقي لهم.
    ولا عجب في الأمر، فهذا هو حال الإسلام دائمًا مع معتنقيه ومحبيه، يحيل حياتهم إلى فضائل، ويغرس فيهم الصبر والإيمان ويعينهم على التسامي على الشدائد والمحن.
    تسلم أستاذي فقد استمتعت بكل كلمة ووصف مقالتك برائعة قليل في حقها لما فيها من العِبر ويا سلام لو كنا بحكمة وصبر الخنساء ..

    ردحذف
  6. أحببت ما أوصت به الخنساء أبنائها والرائع كيف بدأت الوصايا بـ " "انكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين "وهذا ما تفضلتم بالكلام عنه وهي" الحرية " وأردفت قائلة : " واللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هَجَّنت حَسبكم، ولا غَيَّرت نسبكم " وأنا أرى الحكمة هنا في حثهم على الجهاد والهدف هو صيانة العرض لما فيه من ضمان لللعزة والتقدم والرقي لهم.
    ولا عجب في الأمر، فهذا هو حال الإسلام دائمًا مع معتنقيه ومحبيه، يحيل حياتهم إلى فضائل، ويغرس فيهم الصبر والإيمان ويعينهم على التسامي على الشدائد والمحن.
    تسلم أستاذي فقد استمتعت بكل كلمة ووصف مقالتك برائعة قليل في حقها لما فيها من العِبر ويا سلام لو كنا بحكمة وصبر الخنساء ..

    ردحذف