الأحد، 28 فبراير 2010

من يحب الناصحين ؟ 1

كثيرا ما نسمع من الحكماء والمربين " ان النصح يقبل على اى وجه " و ذلك ان فقد الناصح الحكمة وادب التناصح و جنحت به ربما رعونة الحرص على المصلحة عن المسار السليم ولم يستطع ان يهدى الناس عيوبهم .و وفق الحكمة المذكورة فان على المنصوح ان يقبل النصح على اى وجه بغية الاستفادة حتى وان قذف به فى وجهه فهذا لا يعيبه بل يعيب الناصح .لكن الحادث ان اكثرنا يعلى ذكر تلك الحكمة حتى اذا وجد نصحا على غير هدى الا رد الناصح باقصى ما يملك .ومن الناس من يتمالك نفسه حال الناصح غير اللبيب الا انه لا يحاول الاستفادة مما قيل .ان رد الناصح وبغضه وعدم المقدرة على الاستفادة منه جريمة لا تقل عما اقترفه الناصح بسؤ طريقته .فلا فرق بين الاثنين بل ربما يثاب الناصح بنيته وان خانته الطريقة وتقام الحجة على المنصوح اذ رد النصيحة غير مكترث لمحتواها . ولقد عاب الله سبحانه وتعالى على قوم صالح فى القران قائلا "ولكن لا تحبون الناصحين "ان الذين يعانون من ضعف ثقتهم بانفسهم هم من تشغلهم طريقة النصح عما قد يحمله لهم من خير .ان مثل هؤلاء ليس عندهم وعى بمعرفة ذواتهم فلو عرفوها لتقبلوا كل ما يلقى عليهم من نصح بغية الاستفادة وان حق لهم الغضب من عدم مراعاة الادب . فاول ما يجب عليهم معرفته هو انهم ينتمون الى عالم البشر الغير مبرا من العيوب و لا مبرأ من ذلك الا الانبياء واولهم محمد صلى الله عليه وسلم اذ رباه ربه وزكاه سبحانه وتعالى قائلا "وانك لعلى خلق عظيم "و برغم ما نردد دائما ان كل بنى ادم خطاء الا اننا لا نقبل سماع اخطائنا . اننا كثيرا ما نردد مقولة الامام مالك المشهورة عندما اشار الى قبر النبى صلى الله عليه وسلم قائلا ان غيرصاحب هذا " يؤخذ من كلامه ويرد عليه "واول ما يرد لنا رايا الا انزعجنا كثيرا وكانه لا يجب .وكان المقولة تعنى ان نرد على المتكلمين لا ان يرد علينا . مثل هذه السلوكيات تشير الى اصحابها بمرض عضال يجب ان يبراوا منه والا جنحت بهم نفوسهم الى الهاوية .فهم بذلك ينخلعون من عالم البشر رويدا الى عالم اخر ولا اظنه عالم الملائكة .ليرتب الانسان اموره على حقيقة تحييى قلبه وعقله وهى :ان يقبل الحق من اى انسان كبر ام صغر ايا كان لونه وجنسه ودينه ووطنه " فالحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق الناس بها "فالضالة ينشدها الانسان ولن يرفضها اذا وجدها له احد من الناس مهما كان .فهو على الدوام ينشدها وربما تحايل لايجادها فبالصلاة ربما استحضر الشيطان ليصرفه عن العبادة الى ضالته التى هى من ودائع الدنيا ومتاعها .فما بالك ان كانت ضالة احدنا هى نفسه . ايردها وهو الباحث عنها اذ وجدها له يوما من لا يحبه او حتى من يكرهه ؟ لتكن ضالتنا هى التعرف على نفوسنا وعندها لن نستنكف ممن واين وكيف نتعرف عليها .واكثر القوم نضجا من يفعلون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق